9 سنوات على مجزرة القره بوللي.. والعدالة لازالت غائبة

9 سنوات مرت على المجزرة التي ارتُكبت في مدينة القره بوللي شرق العاصمة طرابلس، ولا تزال جراحها مفتوحة في ذاكرة أهالي المدينة، الذين فقدوا عشرات من أبنائهم في واحدة من أكثر الجرائم دموية في تاريخ النزاع الليبي الحديث.
في مثل هذا اليوم من عام 2016، خرج سكان القره بوللي في احتجاج سلمي للتعبير عن رفضهم للفوضى الأمنية، وانتشار الميليشيات، وممارسات النهب والتعدي على الممتلكات. كان خروجهم صرخة في وجه الانفلات المسلح الذي بدأ يضرب أركان المدينة، لكن الرد جاء دموياً، عبر هجوم مسلح شنّته ميليشيات تابعة لمدينة مصراتة، أوقع ما لا يقل عن خمسين شهيداً من المدنيين.
العملية لم تكن مجرد اشتباك عابر، بل جاءت على مرحلتين، وفق ما أكده شهود عيان وناشطون حينها. الأولى كانت إطلاق نار مباشر على المتظاهرين، والثانية تفجير مخزن للذخيرة وسط منطقة مأهولة، ما أدى إلى دمار واسع في البنية التحتية للمدينة، وسقوط المزيد من الضحايا.
الحدث مرّ دون إدانة واضحة أو موقف حاسم من حكومة الوفاق الوطني التي كانت تتولى السلطة في ذلك الوقت، وهو ما اعتبره ناشطون وصمة عار في سجل تعامل الدولة مع جرائم الميليشيات، وتواطؤًا غير معلن مع جماعات مسلحة متهمة بارتكاب انتهاكات ممنهجة.
ومنذ المجزرة وحتى اليوم، لم تفتح أي جهة رسمية تحقيقاً شفافًا حول ما حدث، ولم تُقدَّم أي جهة للعدالة، في مشهد يعكس استمرار الإفلات من العقاب، وهيمنة السلاح على مؤسسات الدولة، وتغليب لغة القوة على العدالة.
اليوم، يحيي أهالي القره بوللي الذكرى التاسعة للمجزرة بمرارة مضاعفة، فمع الألم المتراكم لفقدان الأحبة، يتجدد الإحساس بالخذلان من دولة لم تقتص لأبنائها، ولا تزال عاجزة عن تفكيك منظومة الميليشيات التي ارتكبت الجريمة.
وفي وقت تعلن فيه الأطراف السياسية عن مبادرات لإعادة بناء الدولة، وتوحيد المؤسسات، تبقى قضية القره بوللي، وغيرها من الانتهاكات، تذكرة دامغة بأن لا استقرار حقيقياً دون عدالة، ولا مصالحة دون محاسبة الجناة، أيًّا كانت صفاتهم أو انتماءاتهم.