توصيات اللجنة الاستشارية الأممية لحل الأزمة الليبية

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن نتائج عمل اللجنة الاستشارية التي شُكّلت في فبراير الماضي بهدف تقديم مقترحات فنية وسياسية قابلة للتنفيذ لحل القضايا الخلافية التي تعرقل إجراء الانتخابات في ليبيا، تمهيدًا لإنهاء المرحلة الانتقالية وتوحيد مؤسسات الدولة.
وتكوّنت اللجنة من 20 شخصية ليبية ذات خبرة في المجالات السياسية والقانونية والدستورية والانتخابية، تم اختيارهم لتمثيل مختلف المناطق والمكونات الثقافية الليبية. وقدّمت اللجنة تقريرها النهائي في 5 مايو الماضي، متضمّنًا مجموعة من التوصيات والخيارات لمسارات الحل، استنادًا إلى قرار مجلس الأمن رقم 2755 (2024) الذي أكد دعم المساعي الأممية لتحقيق تسوية سياسية شاملة.
المرجعيات والتحديات
تشكلت اللجنة في ظل تصاعد الانقسام السياسي، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتفاقم فقدان الثقة الشعبية، خصوصًا مع تعثر تنظيم الانتخابات رغم تسجيل نحو 2.8 مليون ناخب. كما رصدت اللجنة تأثير ازدواجية الإنفاق الحكومي، وغياب الشفافية، وغياب هيكل شرعي موحد للحكم، على الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
محاور عمل اللجنة
تركّزت أعمال اللجنة على مراجعة الإطار القانوني والدستوري المنظّم للانتخابات، خاصة التعديل الدستوري رقم 13، وقانوني الانتخابات (27 و28 لسنة 2023)، بالتشاور مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ولجنة 6+6، إلى جانب جهات قانونية أخرى.
أهم القضايا الخلافية والتوصيات
فصل الانتخابات: أوصت اللجنة بفصل الانتخابات الرئاسية عن البرلمانية، وعدم ربط نتائجهما ببعض.
التوقيت: اقترحت إجراء الانتخابات في أوقات متعاقبة ضمن جدول زمني صارم، بدلاً من تنظيمها في يوم واحد.
شروط الترشح: أكدت اللجنة ضرورة الكشف عن الجنسية الثانية لأي مرشح، وبدء إجراءات التخلي عنها بعد إعلان النتائج، مع عدم استبعاد أي مرشح إلا بحكم قضائي نهائي.
العسكريون والمناصب العليا: دعت للسماح بمشاركة العسكريين وكبار المسؤولين بشرط التقيد بالقانون.
الجولة الثانية: أوصت بعدم إجراء جولة ثانية في الانتخابات الرئاسية إذا حصل مرشح على الأغلبية المطلقة من الجولة الأولى.
توصيات إضافية
زيادة تمثيل المرأة إلى 30% في البرلمان.
ضمان تمثيل المكونات الثقافية بنسبة لا تقل عن 15% في مجلس الشيوخ.
تصحيح الوضع القانوني للمفوضية الوطنية للانتخابات، وضمان استقلالها المالي.
وضع ترتيبات أمنية واضحة، وآليات فعالة لفض الطعون، وربط العملية الانتخابية بالرقم الوطني.
خيارات خارطة الطريق
طرحت اللجنة أربعة مسارات محتملة:
1. إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال عامين بعد تسوية وضع المفوضية واعتماد تعديلات قانونية وتشكيل حكومة جديدة.
2. انتخاب برلمان بغرفتين يتولى صياغة دستور جديد تنظم بموجبه الانتخابات القادمة.
3. اعتماد دستور قبل الانتخابات، إما عبر تعديل مشروع 2017 أو صياغة نص جديد.
4. تفعيل المادة 64 من الاتفاق السياسي وتشكيل مجلس تأسيسي بدلاً من الأجسام القائمة.
شروط تنفيذ أي خيار
اشترطت اللجنة قبل تبني أي خيار التوصل إلى اتفاق سياسي يشمل:
إعادة تشكيل المفوضية الانتخابية.
تعديل الإطار الدستوري والقوانين الانتخابية.
ولحل مشكلة الانقسام الحكومي في ليبيا كان أمام اللجنة الاستشارية، منها إجراء انتخابات في ظل حكومتين أو دمج الحكومتين عبر اتفاق سياسي، أو توزيع السلطة بين ثلاث حكومات مع تشكيل حكومة مركزية، لكنها اختارت تشكيل حكومة جديدة ذات صلاحيات محددة.
آليات المتابعة والضمانات
اقترحت اللجنة عدة آليات لضمان جدية العملية:
الاعتراف السياسي بالحكومة الجديدة ومنحها ولاية زمنية واضحة.
فرض قيود على الالتزامات المالية والسياسية طويلة الأمد.
اعتماد مدونة سلوك وطنية للانتخابات.
إنشاء هيئة وطنية مستقلة لمراقبة العملية الانتخابية وآلية تحكيم لحل النزاعات مبكرًا.
دعوة للحوار والتوافق
اختتمت اللجنة توصياتها بالتأكيد على أن الإصلاحات القانونية وحدها لا تكفي، بل يتطلب الأمر توافقًا سياسيًا شاملاً، ودعت كافة الأطراف الليبية للعمل بحسن نية مع بعثة الأمم المتحدة لبناء دولة موحدة وديمقراطية تتمتع بالسيادة والاستقرار.
