حيّ الله الأبطال.. 74 عاماً على استقلال ليبيا

في الرابع والعشرين من ديسمبر من كل عام، يستعيد الليبيون واحدة من أعظم محطات تاريخهم الوطني، ذكرى الاستقلال التي أعادت للوطن سيادته، وللشعب كرامته، بعد عقود من القهر والاحتلال. إنها مناسبة لا تُستحضر فيها الأحداث فحسب، بل تُستعاد فيها معاني التضحية والصبر والإرادة التي صنعت دولة من بين ركام الاستعمار.
تسعة وثلاثون عاماً من الاحتلال الإيطالي، لم تكن زمناً عابراً في تاريخ ليبيا، بل كانت حقبة دامية قاوم خلالها الليبيون مقاومة شرسة، دفعوا ثمنها دماءً ومعاناة، في مواجهة آلة استعمارية سعت لطمس الهوية ومصادرة الأرض والإنسان. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية وهزيمة إيطاليا، لم يكن طريق الحرية ممهداً، إذ رفض الحلفاء تسليم ليبيا لأهلها، وسعوا إلى إعادة تقاسمها وفق مصالحهم.
في العاشر من مارس عام 1949، فُرض مشروع “بيفن – سيفورزا” الذي قسم البلاد إلى أقاليم تحت وصايات مختلفة؛ طرابلس تحت السيطرة الإيطالية، وبرقة تحت النفوذ الإنجليزي، وفزان تحت الهيمنة الفرنسية. كان ذلك المشروع محاولة جديدة لحرمان الليبيين من حقهم الطبيعي في وطن موحد، لكنه قوبل برفض شعبي وسياسي واسع، جسّد وعياً وطنياً تجاوز الجغرافيا والقبيلة.
من قلب هذا الواقع الصعب، بدأت رحلة نضال دبلوماسي شاق، قادها الليبيون بإصرار لا يقل عن صلابة البندقية في ساحات القتال. نضالٌ أثمر في الحادي والعشرين من نوفمبر عام 1949، عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها التاريخي الذي أقر بحق الليبيين في تقرير مصيرهم، فاتحاً الباب أمام ميلاد الدولة الليبية المستقلة.
وفي الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1951، أعلن قيام المملكة الليبية المتحدة، لتولد ليبيا دولة حرة مستقلة، بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات، ويُكتب فصل جديد في تاريخها الحديث، عنوانه السيادة والوحدة والأمل.
في ذكرى الاستقلال الرابعة والسبعين، لا يملك الليبيون إلا أن ينحنوا إجلالاً لأولئك الذين صنعوا هذا المجد، من مقاومين ومناضلين ودبلوماسيين، حملوا حلم الوطن ودافعوا عنه حتى تحقق.
حيّ الله الأبطال… حيّ الله ليبيا.



